فن العيش الحكيم

165,00د.م.

لا يكون المرء مطابقا لذاته إلا إذا كان بمفرده، لذلك فالكاره للعزلة كاره للحرية، إذ لا نكون أحرارا إلا في عزلتنا. فكل اختلاط بالناس يلازمه الإكراه لزوم الظل لصاحبه، ويفرض على المخالط تقديم تضحيات وتنازلات باهظة بمقاييس الميالين بطبعهم إلى الانفراد والعزلة، والمشمئزين من المخالطة، لذلك فقيمة الأنا وجودتها من عدمها تقاس بالنفور من العزلة أو بتحملها بل الهيام بها، والهيام بها يتساوق مع الجودة العالية للأنا والشخصية.

فالبائس يستشعر بؤسه، وبكل جوارحه في عزلته التي لا يطيقها جراء ذلك، كما يستشعر الراقي عظمته وسموه بكل جوارحه أيضا في وحدته. إن العزلة هي الميزان الذي تقاس به جودة الأشخاص من عدمها. فبقدر ميل الشخص إليها، وعشقه لها، يكون أهلا لأخد مكانه في مجمع الراقين وصفوة المنتجبين، وإنها لمتعة لا تضاهيها متعة أن يجمع الشخص بين العزلة الجسدية والعزلة الفكرية المتناغمتين أشد التناغم، وإن تعذر على هذه الطينة من الناس تحقيق هذا المطلب، فإنك تجدهم منزعجين بالغ الانزعاج لأن الظروف القاهرة أجبرتهم على معاشرة أناس متبايني الطباع والميولات والمقاصد..

اطلب عبر واتسب

معلومات إضافية

المؤلف

المترجِم

دار النشر

الوصف

فن العيش الحكيم للكاتب أرتور شوبنهاور